هذه الكلمات الناشزة من جراحات الأيام ، أتشمم منها رائحة الوقود الذي يؤجج سعير الثورة .. وينبىء بانفجارات الغد الآتي .. فهي إذن بنزين سريع الإلتهاب
يصلح في إستخدام زجاجة المولوتوف..
كلمات خجلى .. أرفعها من حنجرة كليلة الصراخ صوب شارعنا العربي المظلم
في فلسطين الحبيبة ، وهو يحتضن إحدى حلقات الزحف التتري،اليهودي ، في صورة بشعة أكثر مما تصورته أذهان الجبناء ..
غنها مواجهة دامية مخزية ، بين كتائب الجهاد المقدس أو ملائكة النصر المؤزر
و تلكم الشرذمة الملعونة ، من صعاليك صهيون ..عفوا بل تلكم الحثالة القذرة من
أنجس جنس بشري دب في هذا الوجود ..
أكتبهافي زمن محبط ، ما تزال فيه الأنظمة العربية وماخلفها من الرايات المنكصة
مطوقة إلى الأذقان بالخزي ، و مشلولة حد الإعاقة بالجبن و الخيانة و التراجع ..
أكتبها في وقت أيضا ما يزال فيه البيت العربي يئن من هزائمه القديمة ، و العالم
الإسلامي ممزقا خربا كالطلل البائد ، وهو أوهن من بيت العنكبوت .. ولا أدري
بأي لغة أفاوض الضمائر المستكينة ، و قد ركنت إلى المضاجع ، وباركها رقاد
دهر طويل ..
إنني من أضعف الإيمان أخربش هذه الأحرف الجريحة ، و أشهد الله على أن
بعض النحيب نفاق ، لأن القضية أكبر من أن تلطم دونها الخدود ، وتتباكى عليها
النائحات .. ولكن إن صدرتها وأنا أقبع في آخر بقعة تلهج ببريق الحياة ، فهي
لا محالة قناعة بالقضية ، و تسليم بالحقيقة المرة ، وإيمان بالوجع المقتدر..
لست أنعي فيكم يا آل ياسين والقسام ، قوافل الماضين إلى الجنة على درب الشهادة .. ولا أرثي فيكم يا نشامى الأرض المحتلة ، قرابين الإستبسال ، و أشلاء
الضحايا و جراحات الصغار ..فتلك ورب السماء لفدية الحرية التي ان توهب من
قبيل ، ومهر الكرامة التي لن تسترد من غير ألم و رزء و فجيعة ..
بقدر ما أنعي إليكم نبأ موت الزعامة العربية – المتمسلمة – و أنظمتها العميلة المستهجنة ، موت بعير خامل لا يقوى على الحراك ، عندما تهاوت أوراق النقاش
السمسري الهزيل ، و سجلتها الأيام في مسودة نضال العار السحيق ..
أنظمة ، ياأحبابنا ، مردت على النفاق و الذل و الردة ، فلا أمل في خروجها إلى
ملاحم الإستماتة ، دفاعا عن القدس الأسيرة ، وهم يولون وجوههم شطر البيت البيضوي ليل نهار ..
أأبكيكم لحظة ينطق البارود أشاوسا ضواري ، يمدونكم المدد ، ويصلونكم بهمم المجد ؟ أم أستصرخ دونكم أصناما عربية لا تسمع شيئا عن أنين الطفلة ، و جرح
الفتى ، و بكاء الشيخ ..؟ إنهم يتدثرون بالمخملي في الفنادق العاجية ، يترنحون
على أكواب الشاي و الخدر و موسيقى العهرالليلي السافل ..
يا أبناء وطننا الغالي ذو التربة الطاهرة فلسطين ..إن من يحكمون على رقابنا
جلادون نزقون ، إذا صرخنا معكم أوقفونا ، وإن إحتججنا على داءكم المهدورة
كادوا بنا كيدا .. إنهم أبدعوا في البلادة و تبوؤوا من الخزي مداه .. فلا ترقبوا منهم بالله عليكم عونا ولا نصرا ، يكفيكم الله النصير ، إنهم من الأذلين ..
إن ما نعرفه فقط يا أحبابنا يا حملة أكفانكم على أكتافكم ، أنكم أنتم الوحيدون وفقط من يقض مضاجع القردة و المقملين ، و أنتم هم الذين وفقط من يقوى على
ضرب رقاب اللصوصيين و قطاع الطرق ..
إنكم لستم فقراء إلى كلمات تلهب فيكم شعلة الثورة ..و لا إلى بليغ ائل اللسان يفيضكم بحماس النصر ، فأنتم بحق من علمنا معنى الثورة حين تكون الثورة تاجا للعزة.. وأنتم – بحق - من لقننا تعاليم الجهاد ، حين يكون الجهاد الصادق أمارة
من أمارات التمكين ... بل يقيننا أنكم فقراء إلى آلة قمع تقمعونهم بها كما يقمعون
وفقراء أيضا إلى رشاشات حاصدة ، و قنابل راعدة .. وطائرات قاذفة و صواريخ ناسفة ..كي تحقوا الحق ، وتستأصلوا شأفة القوم الملعونين .. كما أنتم ممسوسوا
الحاجة إلى شارع عربي و إسلامي ساخن السواعد ، يحرك قاطرة التضامن في جميع ساعات و آماد النزال .. و إلى صدور حرة محررة ، وألسنة صادحة مكبرة
تمتلىء حمية وذودا عن القدس .. بل كل فلسطين ..
ثم ماذا بعد أيها المجاهدون البواسل ..؟
إنكم تواجهون عدوا لدودا ، جبانا ، حقيرا ، لا يؤمن بأي لغة عدى لغة البارود ، و لا أي سياسة غير نزعة التوسع و التهويد ، ولا أي أسلوب سوى التجويع و إحراق الأرض ..وأنتم –على مرارة الخيار – على حسنيين ، إما الأرض و القدس
و النصر و الكرامة .. وإما الشهادة و الجنة و الرضوان .. و في كليهما المجد
الظافر ، و المغنم التليد ..
فامضوا إلى ما أنتم عليه من أنفة و عز وكبرياء ، فوالله لأنتم أحق من في الأرض جميعا أن تفتح لهم أبواب السماء ، ما دمتم مرابطين على الأرض و دونها تستميتون و تقاومون ..
وأما نحن – ياأشقاءنا الطيبون – و الغلبة على حالنا ، فنجاهد – جهاد المقصر –
في ضمير السلطان العربي الموبوء بالخوف و البلادة ، المختوم عليه بالإستكانة
حتى يفيء إلى رشده ، بعد أن طبع عليه الدهر بإسوإ ما كنتم تحذرون ..
خوضوها أيها الشجعان ، إن مقاومة وإن حربا ، و لئن قعد على نصرتكم القادرون ، فلعل في حرقة الضعفاء على قضيتكم العادلة ما يزيد في شوكتكم بأسا
و صلابة .. خوضوها فنحن معكم بالقلب و اللسان والوجدان .. و صلواتنا كل صلواتنا أن يصيب رميكم عند الرمي مرماه ، ويضرب آلما رؤوس هؤلاء المردة
من شياطين صهيون ..
فأنتم تستشهدون برصاص العدو ، ونحن من فرط الأسى و النكبة نموت كالجيفة
واحدا تلوى الآخر ، وبسكتة قلبية خلف الحدود المغلقة..ووراء جغرافيا حدودنا
المشمعة بالأحمر ..وتلك بالله هي أخت المأساة ..